يشهد عام 2024 هيمنة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الذكية، إذ أنه يحدث ثورة في مختلف القطاعات ويعيد تشكيل طريقة عيشنا وعملنا، من تحسين التجارب اليومية إلى دفع الاكتشافات العلمية الرائدة، يقدم الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة للشركات والأفراد على حدٍ سواء.
ويُعد الاستشعار الذكي والأنظمة السيبرانية الفيزيائية الذكية (CPS) من أهم التقنيات الناشئة التي تحدث ثورة في مختلف جوانب حياتنا، بدءًا من الصحة العامة والرفاهية إلى إدارة المنازل والبنى التحتية والبيئة، وتتناول هذه المقالة التقدم المحرز في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الذكية.
ما هي تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الذكية؟
يسعى الذكاء الاصطناعي (AI) إلى محاكاة الذكاء البشري من خلال تصميم آلات قادرة على التحكم والتكيف مع محيطها، ويعد دمج الذكاء الاصطناعي مع المستشعرات الذكية (SS) خطوة أساسية لتحقيق هذا الهدف.
فعبر دمج الذكاء الاصطناعي والاستشعار الذكي، ستصبح أجهزة الكمبيوتر قادرة على الرؤية والسمع واللمس والشم والتذوق بشكل متزايد، مما يجعلها أكثر إدراكًا وقدرة على التفاعل بشكل إيجابي مع البيئة المحيطة.
وتتيح الهندسة الموزعة إمكانية الاستفادة من نهج تعاوني يثري قدرات مجالات الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر، حيث يتم نشر المستشعرات الذكية في بيئة محددة، وذلك يخلق نوعًا من “الذكاء الاجتماعي” يعزز كفاءة عملها، وتشمل أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الذكية، ما يلي:
1. الذكاء الاصطناعي في التجارة الإلكترونية
يحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مجال التجارة الإلكترونية، فهو يساهم في تعزيز التفاعل بين العملاء والشركات، ومن فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في التجارة الإلكترونية ما يلي:
- تخصيص تجربة العميل: يقدم للعملاء عروضًا وتوصيات مخصصة بناءً على سجل بحثهم وتفضيلاتهم، مما يؤدي إلى زيادة احتمالية الشراء.
- دعم العملاء على مدار الساعة: تقدم روبوتات الدردشة دعم فوري للعملاء، وذلك يقلل الشكاوى والاستفسارات بشكلٍ كبير.
- يمكن تحليل البيانات من مصادر مختلفة وتحديد الأسعار المثالية للمنتجات تلقائيًا، وبالتالي زيادة الأرباح.
- يكشف المراجعات المزيفة، وذلك يعزز ثقة العملاء ويحافظ على مصداقية المتجر الإلكتروني.
- تتيح تقنية البحث الصوتي للعملاء إمكانية البحث عن المنتجات بسهولة أكبر، وبذلك يتم تحسين تجربة التسوق.
شاهد أيضًا: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصناعة
2. أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم
كانت القطاعات التعليمية منظمة ومدارة بالكامل بمشاركة بشرية حتى بضع سنوات مضت، لكن في الآونة الأخيرة أصبح التعليم أيضًا تحت تأثير تطبيق الذكاء الاصطناعي.
يساعد كل من أعضاء هيئة التدريس والطلاب من خلال تقديم توصيات للكورسات، وتحليل بعض البيانات واتخاذ بعض القرارات بشأن الطالب، وما إلى ذلك، كما تتم هذه الأيام عن طريق الذكاء الاصطناعي إنشاء رسائل تلقائية للطلاب والآباء بشأن أي عطلة ونتائج الاختبار.
ويمكن استخدام ميزة المساعد الصوتي بمساعدة خوارزميات الذكاء الاصطناعي، بطرق متعددة لتوفير الوقت والراحة ومساعدة المستخدمين حسب الحاجة وعند الحاجة.
بالإضافة إلى ذلك، مكنت ميزة اللعب (gamification) شركات التعلم الإلكتروني من تصميم أنماط ألعاب جذابة في نظامها حتى يتعلم الأطفال بطريقة ممتعة للغاية، ولن يؤدي هذا فقط إلى جذب انتباه الأطفال أثناء التعلم ولكن سيضمن أيضًا فهمهم للمفاهيم وكل ذلك بفضل الذكاء الاصطناعي.
يستخدم الذكاء الاصطناعي أيضًا خوارزميات لاكتشاف وتوقع وتصميم المحتوى وتقديم رؤى قيمة بناءً على اهتمام المستخدم، والذي يتضمن مقاطع فيديو وصوتية ومطبوعات انفوجرافيك.
بعد ذلك، مع إدخال تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، من المحتمل أن تبدأ شركات التعلم الإلكتروني في إنشاء ألعاب (للتعلم) ومحتوى فيديو للحصول على أفضل تجربة.
3. الذكاء الاصطناعي في عالم الروبوتات
يضفي الذكاء الاصطناعي بعدًا جديدًا على قدرات الروبوتات، مما يمكّنها من أداء المهام المعقدة بدقة وكفاءة غير مسبوقة.
ففي المجالات الصناعية مثل التصنيع، باتت الروبوتات المزودة بالذكاء الاصطناعي تعمل جنبًا إلى جنبٍ مع البشر، وتتولى المهام المتكررة أو الخطيرة، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتحسين معايير السلامة.
ولنأخذ مثالاً من صناعة السيارات: تُستخدم الروبوتات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في تجميع الأجزاء، وطلاء المركبات، ومراقبة جودة الإنتاج، وذلك سرع عمليات التصنيع بشكل ملحوظ، كما ضمن جودة عالية للمنتجات المصنعة.
4. تطوير تقنية معالجة اللغات الطبيعية (NLP)
تهدف معالجة اللغات الطبيعية (NLP) إلى تمكين أجهزة الكمبيوتر من فهم اللغة البشرية والتفاعل الطبيعي معها.
وتعتمد هذه التقنية على خوارزميات ذكية تمكّن الآلات من فهم معاني الكلمات، واستيعاب السياق، وتوليد نصوص مشابهة للغة البشرية.
ولقد فتحت معالجة اللغات الطبيعية الباب أمام العديد من التطبيقات المفيدة، مثل:
- ترجمة النصوص من لغة إلى أخرى بدقة عالية، مما يسهل التواصل بين الأشخاص من مختلف الثقافات.
- فهم مشاعر المستخدمين من خلال تحليل نصوصهم، والذي يتيح للشركات تحسين خدماتها وتقديم تجربة مستخدم مميزة.
- تمكّن تقنيات NLP المساعدين الصوتيين، مثل: Siri وAlexa من فهم الأوامر الصوتية للمستخدمين والاستجابة لها بشكل طبيعي.
ومثالٌ على ذلك: تطبيق Grammarly الذي يستخدم تقنيات NLP لتحليل النصوص المكتوبة، وتصحيح الأخطاء النحوية، وتحسين الأسلوب، وتقديم اقتراحات لجعل النصوص أكثر وضوحًا ودقة.
5. تقنية التعرف على الوجه
تقنية التعرف على الوجه من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الذكية، إذ تمكننا من التعرف على الأشخاص والتحقق من هويتهم من خلال تحليل ملامح الوجه.
وتُستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في مختلف المجالات، مثل: أنظمة الأمان والتحكم في الدخول إلى المباني والمناطق المحظورة، والتحكم في الدخول إلى الأجهزة الشخصية، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، ممّا يُعزّز من أمانها ويُقلّل من خطر سرقتها، والمصادقة على الهوية في المعاملات المالية.
والمثال الأكثر شهرة لاستخدام تقنية التعرف على الوجه هو تقنية Face ID من Apple، التي تُمكّن المستخدمين من فتح أجهزة iPhone وتأكيد الهوية عند إجراء عمليات الشراء، مما يوفر وسيلة مريحة وآمنة للتحقق من الهوية، ويغني عن استخدام كلمات المرور أو بصمات الأصابع.
6. تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإدارة
يساهم الذكاء الاصطناعي في تبسيط مهام الموارد البشرية وجعلها أكثر كفاءةً من خلال أتمتة العديد من العمليات، مثل: فرز السير الذاتية وتحديد المرشحين الأكثر ملاءمة للمهارات والخبرات المطلوبة، وجدولة المقابلات، وتقييم المرشحين.
وذلك يوفر الوقت والجهد المبذول في عملية التوظيف، ويتيح للمختصين في الموارد البشرية التركيز على المهام الأكثر أهميةً، مثل تقييم مهارات المرشحين وإمكانياتهم بشكل دقيق.
ولنأخذ مثال شركة IBM والتي تستخدم منصات ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحليل السير الذاتية وتحديد المرشحين الأكثر ملاءمة للمنصب المعلن عنه.
7. تشكيل قطاع الرعاية الصحية
يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال الرعاية الصحية من خلال تقديم العديد من الفوائد، فمثلًا: تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الطبية، مثل صور الأشعة السينية والرنين المغناطيسي، وتحليل بيانات المرضى وتحديد أفضل خطط العلاج المخصصة لكل مريض على حدة.
بالإضافة إلى ذلك، مراقبة حالة المرضى عن بُعد، وتقديم التنبيهات عند حدوث أي تغيرات في حالتهم الصحية، وبالتالي تحسين رعاية المرضى وتقليل مخاطر المضاعفات.
ولعلّ مثال IBM Watson Health هو خير دليل على ذلك، إذ يستخدم هذا النظام الذكي لتحليل كميات هائلة من البيانات الطبية، ومساعدة الأطباء على تشخيص الأمراض المستعصية والتوصية بخطط العلاج المناسبة لكل حالة.
8. من تطبيقات الذكاء الصناعي الألعاب والترفيه
تغير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الذكية صناعة الألعاب بشكل جذري، وذلك يتيح للاعبين تجارب أكثر واقعية وجاذبية.
فمع خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تصبح شخصيات اللعبة غير القابلة للعب (NPCs) أكثر ذكاءً، وتتفاعل مع تصرفات اللاعب بطرق متنوعة، وتضفي على بيئات اللعبة حيوية وتفاعل لم يسبق له مثيل.
ولنأخذ مثال لعبة “The Last of Us Part II” كنموذج، إذ تظهر شخصيات اللعبة غير القابلة للعب التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي سلوكيات واقعية مذهلة، مما يضفي على أسلوب اللعب شعورًا بالتحدي.
الخلاصة
يشكل الذكاء الاصطناعي قوة هائلة في مختلف جوانب حياتنا، من طريقة عملنا وتواصلنا مع التكنولوجيا إلى طبيعة الصناعات التي نعتمد عليها.
وتشمل تطبيقاته المتنوعة مجالات التجارة الإلكترونية والرعاية الصحية والترفيه والتمويل، مما يساهم في تحسين كفاءة الأعمال، ورفع مستوى الإنتاجية، وتوفير تجارب مخصصة تلبي احتياجاتنا.
إن فهم إمكانيات الذكاء الاصطناعي يتيح لنا إدراك أهميته المتزايدة في عالمنا الحديث، ويؤكد على الحاجة الملحة لوجود مهنيين مؤهلين قادرين على قيادة الابتكار في هذا المجال المثير، فشاركنا أفكارك وآرائك حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الذكية، واطرح أسئلتك، وناقش معنا التحديات والإمكانيات.